ثمن الخضار الحقيقي

بسم الله،

خرج إلى السوق كعادته لتسوق حاجيات البيت، سوق قد عجت فيه أصوات الباعة و زينته الخضار و الفواكه بشتى أنواعها و ألوانها و هي مصفوفة بشكل جميل يدفعك للاقتراب منها و تلمسها و ربما حتى اشتمام رائحتها أو تذوقها.

وقف عند بائع الخضار و طلب منه آنية لجمع ما يحتاجه. جمع ما طلبته زوجته و ما اشتهته نفسه من الخضار و الفواكه، يزن البائع الأكياس و يلفظ ثمن كل بضاعة و يكتب على دفتره لحساب الحصيلة... و هو يسرد ثمن كل بضاعة قال البائع "الطماطم 7 دراهم"، 

فقال للبائع "ما هذا الثمن يا أخي؟"، 

أجابه البائع الجواب المعتاد "في سوق الجملة ب 6 دراهم، فقط البركة".

و أكيد أن الفلاح قد باعها بدرهمين أو ثلاثة، لكن الوسطاء قد حولوا ثمنها أضعافا مضاعفة...

أخذ أكياسه الثقيلة و معه ذهنه المُثقل بالتفكير في غلاء الأسعار و القدرة الشرائية، ثم شرد فكره في مواضيع أخرى ... حتى أحس بضيق في نفسه و انقباض في صدره، فكان أن هب عليه خاطر كأنه النسيم على قلبه، خاطر في الانتباه لنعم الله و فضائله و أن الشكر بلسم للنفوس. و كان ذلك لأثر ما قد تدارس مع أصدقائه من سورة يس الآية 35 ﴿لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ ، فقال مسائلا نفسه "ها أنا ذا أحمل الثمار، أفلا أشكر؟ و لكن ماذا أشكر الله في هذه الثمار؟ ربما أشكره أن رزقني المال لشرائها...نعم 7 دراهم رزق من الله لشراء هذه الحبات..."

ثم نظر إلى حبات الطماطم و كأنه يساؤلها عن قصتها و كيف وصلت إليه هو، ثم انتبه إلى أن رحلة هذه الحبات أطول و أعمق من الفلاح و الوسيط و البائع، إنها رحلة الصناعة و الإخراج الرباني من بذرة إلى ثمرة. صناعة شكلها و رائحتها و لونها و طعمها. فأين هو ثمن ذلك المعمل الرباني الذي حول البذرة إلى ثمرة؟ أين هو ثمن الماء الذي أعطاها الحياة ؟ أين هو ثمن الأرض و كل الكائنات التي تعيش فوق الأرض و تحتها و ما منحته من مواد مغذية حسب حاجة البذرة...و أشياء أخرى لا نعلمها...

ثم قال مخاطبا نفسه "كم أنا مخطئ عندما كنت أعتقد أنني و أنا اعطي 7 دراهم فقد امتلكت و أعطيت مقابل تلك الحبات من الطماطم، و أنني عندما شكرت الله على المال الذي به اشتريت هذه الحبات فإني حققت الشكر للنعمة... إنما تلك الدريهمات هي فقط ثمن الخدمات البشرية، أما ثمن النعم الربانية فلم و لن تستطيع سداده و شكره..."

هنالك تحرك لسانه بالتسبيح و الحمد و أحس بانشراح في الصدر بعدما أبصر من الآية ما أبصر...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توحيد الكتاب المدرسي في المغرب...

الدخول المدرسي ...مناسبة تجديد العهد مع العلم

هل نخذل غ.ز.ة بعدما دعمت منتخب المغرب؟