توحيد الكتاب المدرسي في المغرب...
اطلعت في بعض المواقع
على خبر توحيد الكتاب المدرسي في الموسم الدراسي القادم بالمغرب 2025/2024.
و لا شك أن هذا الأمر
سوف يكون له تأثير كبير جدا على حقل المدرسة المغربية.
ولن أتحدث عن السجال
و النقاش بين مختلف مكونات و أطراف المجال، و خاصة ما في ذلك من تداعيات اقتصادية.
أي المطبعات و دور النشر و المكتبات...أحببت النظر إلى الجانب الاجتماعي النفسي و
كذا الاستراتيجي لهذا القرار.
أما الشق الاجتماعي و النفسي، فخاصة عند من يباشرون العمل التعليمي التربوي من الآباء والمدرسين و كذا
بائع الكتب.
إن جل الآباء و
المكتبيين يعيشون أيام الدخول المدرسي بمشاعر التوتر و الارهاق، حيث تكثر العناوين
و الطبعات دون الحديث عن كثرة عدد الكتب نفسها. ولعل كل هذا نتيجة غلبة الطابع التجاري
الرأس المالي على الأمر، أي رفع كمية الإنتاج و الاستهلاك.
و كنت قد سألت أحد
أفراد العائلة ببلد أجنبي فأجابني أنه لا يحمل هم الكتب و الدفاتر، يشتري المحفظة
فقط و المدرسة تتكفل بالباقي الذي هو كتب قلائل لا تتجاوز 4 كتب (إبني في المستوى
الأول ابتدائي يحمل محفظة بها 9 كتب و حوالي 11 دفترا).
و توحيد الكتاب قد
يخفف على الآباء و التلاميذ عناء هذه الأيام التي نستفتح بها الموسم، و تكون مخصصة
أكثر لتحبيب المدرسة و الرجوع إلى أجواء المدرسة و الأصدقاء و الخلان بعد العطلة الصيفية.
أما المدرس، مع توحيد
الكتاب المدرسي، يمكنه أن يجد الدعائم التعليمية من دليل أو جذاذات بسهولة و
بأشكال متعددة. ثم يبدأ ابداعه يظهر أكثر و أكثر مع استقرار التوجهات و البرنامج الدراسي، عوض التغيير المستمر للمقرر الدراسي.
و من حسنات الكتاب
الموحد كذلك ما يتذكره بعض الآباء من أننا كنا نتبادل الكتب المدرسية بين الإخوة و
بين أفراد العائلة، و يمررها جيل إلى الجيل. و تنتشي إذا كنت من الذين يحافظون على
نظافة كتابه، فعندها يفخر بك أهلك لأن الكتاب صورة لصاحبه، أو قد يكون الكتاب مصدرا
لبضع الدراهم إن أنت بعتها في السوق. و هذا فيه تربية على حس المسؤولية وصلة
للرحم.
أما الشق الاستراتيجي، فهو أهمية الكتاب الموحد في بناء هوية موحدة للوطن و الانتماء له و لثوابته، و خاصة إذا كان الكتاب من المستوى الجيد تربويا و تعليميا.
و أجمع هذا كله في مثال واقعي و هو اللحظات الجميلة عندما تبدأ اختي التي تكبرني بأكثر من 10 سنوات بذكر قصيدة براغيث
محجوب فنضحك من أبياتها و توصيف أحمد شوقي لمحجوب و كأنه صديق مشترك بيني و بينها... ثم نذكر رثاء و بكاء المحاريب مع أبي البقاء الرندي للأندلس، فيصيب القلب
حزن و كمد...
نتمنى اصلاحات حقيقية و جادة للتعليم من كل المساهمين، ليس فقط الوزارة الوصية، و إنما كلنا وجب أن نساهم في ذلك. و إن ما في اصلاح التعليم من ثمار لا تقاس فقط بالمؤشرات العددية، و إنما هو ورش استراتيجي انساني عظيم.
تعليقات
إرسال تعليق