أوبئة القلوب
بسم
الله،
"يعرف
الوباء يأنه حالة انتشار لمرض معين، حيث يكون عدد حالات الإصابة أكبر مما هو متوقع
في مجتمع محدد أو مساحة جغرافية معينة أو موسم أو مدة زمنية" (تعريف منظمة الصحة
العالمية).
و قد
عشنا خلال هذه السنوات الأخيرة و خاصة مع عولمة الاعلام، عشنا مع كورونا كيف بدأ
مرضا ثم تطورت الأمور حتى أعلن أنه وباء pandemic. و عشنا
كذلك التحول الكبير الذي أصاب الإنسانية (لا نهمل أن أناسا كثر لم يعيشوا هذه
الأحداث بنفس الحدة و الوقع). و كان مما شاهدناه : التسابق على الصيدليات لاقتناء
و التزود بالأدوية و المضادات الحيوية ثم باللقاح و كذا ما عرفناه من سلوكات و
تدابير الوقاية من كمامات و تباعد و معقمات ...
من
المطلوب بل و من الواجب حفظ النفس و صيانتها لأنها من الضروريات الخمس التي قعدها علم المقاصد بناء على الشرع
الذي ارتضاه الله تعالى لهذا الإنسان. و لكن هذه الصورة من الحرص و الوقاية كانت
بسبب وباء يصيب الأجسم، يصيب الجهاز التنفسي أو المناعي و كلها مكونات عضوية أودها الخالق في هذا الجسم البديع. لكن ما حالنا مع الأوبئة المعنوية و خاصة منها أوبئة القلوب؟ أليس
حريا بنا أن ننتبه لهذا النوع من الأوبئة ؟ أليس الكذب و الغش أوبئة؟ أليس حب
الدنيا وباء؟ أليست الأنانية و الفردانية مرض يستشري بين الناس؟...
إنها أمراض
تصيب النفس و القلب و بأعداد كبيرة، و هي معدية أيضا، فهي أوبئة لأنها شديدة
العدوى. و هي تؤذي و تفسد الفرد و المجتمع بل
و تقتل في حالات كثيرة.
كيف بنا
إذا أبصرنا أن هذه الأمور التي تصيب القلب أولا أوبئة و كان في سلوكنا ما شابه سلوكاتنا مع كورونا ؟
-
أن نسرع إلى صيدليات بها أدوية لقلوبنا، و أعظم و أوثق صيديلية هي صيدلية الرحمان. نقتني منها ما جعل الله لنا فيها من أدوية. الصلاة دواء و الصدقة دواء و المجاهدة دواء...و
رأس الدواء القرآن، بل هو الشفاء (أي أن مفعوله أكيد و نجاعته مضمونة أكثر من قول أنه دواء) "و
ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين" الإسراء 82.
-
أن نستعمل كمامات تمنع سموم اللسان من
سب و غيبة و نميمة و نشر للفاحشة، فإن كل ذلك معد و ينخر في جسد المجتمع.
-
أن نعقم بين الفينة و الأخرى جوارحنا
مما يصيبها من جراثيم و منجسات. السمع و البصر تتلقى منكرات فتصاب بالتعب فيمرض
القلب و يقسو. و المعقمات عندنا متنوعة و فعالة، قيام الليل معقم، الجنازة و زيارة
القبور معقم، التفكر في الكون معقم، حضور مجالس العلم و الذكر معقم...
-
أن نحرص على التباعد بيننا و بين
الفواحش و سبل الشيطان، فالاعلام التافه و الذي ينشر الفاحشة معدٍ و الوسط الذي يجرؤ على حرمات الله و كل اهتمامه جمع الدنيا معدٍ، و ما معنى التباعد هنا ببعيد عن معنى التقوى.
إن تحقيق
الإبصار و فهم حقيقة الأشياء، و ليس صورها الزائفة التي يُراد لنا أن نراها و
نقتنع بها، هو من الأمور المهمة التي اهتم بها القرآن و الرسول ص أيما اهتمام.
فكان واجبا علينا ابصار الأمور بنور هذا الدين و اتباع المنهج القويم وفق الهدى.
و بالله
التوفيق و السلام.
تعليقات
إرسال تعليق